في اجتماع شركاء الثلاثية (الحكومة، أرباب العمل، المركزية النقابية) اليوم السبت 23 ديسمبر، للتوقيع على الميثاق المتعلق بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، أدلى الوزير الأول أحمد أويحيى بكلمة هذا نصها الكامل:
“بسم الله الرحمن الرحيم
ـ السيد الأمين العام للإتحاد العام للعمال الجزائريين
ـ السادة الوزراء
ـ السادة رؤساء منظمات المؤسسات العمومية والخاصة
ـ السيدات والسادة ممثلو الإعلام
إنه لـمن دواعي السعادة الكبيرة أن يأتي أعضاء الحكومة الحاضرون هنا، للمشاركة بمعيتي في هذا الإجتماع الذي تلتئم فيه الثلاثية بدعوة من الـمركزية النقابية.
ولا يفوتني بهذه الـمناسبة، أن أعرب عن سعادتنا بلقائنا مرة أخرى، مع مسؤولي منظمات أرباب العمل العمومية والخاصة الـموقعين على العقد الوطني الإقتصادي والإجتماعي للنمو.
ولا شك أن هذا اللقاء يكتسي بعدا خاصا بالنظر إلى الصعوبات الـمالية التي تواجهها البلاد.
أيتها السيدات أيها السادة،
أود في هذا الـمقام أن أذكر بأن بلادنا تواجه مصاعب مالية جدية جراء تراجع إيرادات الـمحروقات. وقد وجدت هذه الصعوبات انعكاسها من خلال عجز ملحوظ للميزانية، وكذا من خلال عجز محسوس لـميزان الـمدفوعات مصحوبا بتآكل احتياطاتنا من الصرف الذي أصبح يبعث على الإنشغال.
إنه وضع يستوقفنا خاصة وأنه من واجب بلادنا أن تحافظ على مسار قوي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الذي بادر به السيد رئيس الجمهورية منذ سنة 1999، إلى جانب التشجيع على الإستثمار الذي يتعين الحفاظ عليه، والاستجابة القوية والـمتعددة الأشكال للطلب الكبير على التشغيل.
وأمام هذا الوضع وتحدياته، فإن الحكومة، عملا بتعليمات السيد رئيس الجمهورية، قد اتخذت تدابير هامة أود هنا أن ألخصها فيما يلي.
في الـمقام الأول، فإن القروض التي تعاقدت عليها الخزينة لدى بنك الجزائر منذ تعديل قانون النقد والقرض، من شأنها أن تسمح للدولة باختتام هذه السنة الـمالية دون صعوبات أساسية.
وفي الـمقام الثاني، فإن نفس هذه القروض قد مكنت الدولة من تسوية نحو 270 مليار دينار من الديون المستحقة للمؤسسات العمومية والخاصة وحتى الأجنبية، على إثر تنفيذ عقود عمومية. وستتواصل هذه العملية إلى غاية تطهير كل الوضعيات العالقة.
وفي الـمقام الثالث، اتخذت الحكومة التدابير الضرورية لتسوية كل الوضعيات التي لا تزال عالقة مع البنوك، وقد سمح ذلك بضخ أزيد من 1000 مليار دينار من السيولة الإضافية في البنوك العمومية التي أصبحت هكذا تتوفر على موارد ملحوظة لتمويل الاستثمار في ظل احترام القواعد الـمعمول بها.
وفي الـمقام الرابع، فإن الحفاظ على احتياطات الصرف يحظى بحهد متواصل أكثر فأكثر. وهكذا، سينطوي قانون الـمالية لسنة 2018، على تدابير تعريفية واعدة في إطار هذا الحفاظ، عن طريق رسوم جمركية ورسوم داخلية على منتجات استهلاكية مختلفة. ويضاف إلى ذلك القيام في مطلع السنة، بتعليق إداري مؤقت لاستيراد الكثير من الـمنتجات الـمصنعة محليا.
وكل هذه التدابير الـمؤقتة التي ترخص بها التزاماتنا التجارية الخارجية من شأنها أن توفر حصصا كبيرة من السوق لفائدة الـمؤسسات الـمحلية التي يتعين عليها رفع مستوى إنتاجيتها وتنافسيتها.
وفي المقام الخامس، أصدرت الحكومة تعليمات تقضي بتسخير جميع الطلبيات العمومية للمؤسسات الـمحلية ماعدا في حالة الاستثناء.
وتنفيذا لهذه التعليمة، قامت مؤسسة سوناطراك مؤخرا، بإسناد صفقات تقدر قيمتها بأزيد من 400 مليون دولار لـمؤسسات جزائرية، في حين أن هذه العقود كانت موجهة لـمناقصات دولية.
وفي الـمقام السادس، فإن مجلس مساهمات الدولة قد أكد من جديد استقلالية المؤسسات العمومية الإقتصادية التي ستمارس عليها الإدارات المعنية مجرد الإشراف. وسيتم قريبا تعميق هذه المسألة خلال لقاء ستعقده الحكومة مع مسؤولي المجمعات الإقتصادية العمومية.
أما في الـمقام السابع والأخير، يسعدني أن أعلن أمامكم بأن مسار إنجاز 50 منطقة صناعية قد انطلق عبر كل البلاد تحت الـمسؤولية الـمباشرة للولاة، مع الإشارة إلى أن الكثير من هذه الـمناطق الصناعية سيتم تسليمها في نهاية سنة 2018، مما سيسمح بتوفير الـمزيد من العقار الصناعي للإستثمار.
تلكم هي بعض الأمثلة على الـمسار الذي تعتزم الحكومة مواصلته من أجل دعم ديناميكية التنمية وتنويع الإقتصاد وكذا من أجل الحفاظ على جهد الإبقاء على مناصب الشغل واستحداثها.
غير أن معركة بهذا الحجم تتطلب اقتران الكثير من الجهود ولاسيما جهود العمال والمتعاملين الاقتصاديين. وذلكم سبب أساسي لارتياحنا بعقد اجتماع اليوم.
أيتها السيدات أيها السادة،
أود باسم الحكومة أن أشيد بالروح الوطنية التي يتحلى بها الاتحاد العام للعمال الجزائريين الذي كان فاعلا بكل ثقله في حركة التحرير الوطني ثم في الـمسار الطويل للبناء الوطني، والذي لا يزال يتميز اليوم بتبصره في ترقية مصالح العمال.
ولا أدل على ذلك بالفعل، من أن احتضان الاتحاد العام للعمال الجزائريين للقائنا حول شراكة الشركات والشراكة العمومية والخاصة، لهو برهان ملحوظ على التحول النوعي الذي حققته الـمركزية النقابية.
وإنني مقتنع بأن هذا التحول سوف يستمر من خلال تحسيس الـمستويات النقابية على الصعيد الـمحلي والـمؤسسات، وبالتالي من خلال تحسيس العمال في الـميدان بالتكيف مع الرهانات الاقتصادية الحالية في ظل احترام حقوقهم الإجتماعية.
كما إنني مقتنع بأن الـمؤسسات الوطنية العمومية والخاصة ستعرف أيضا كيف تلتزم دون تحفظ في نفس هذه الـمعركة التي تعد كذلك معركتها، من أجل الحفاظ على ديمومتها أمام انفتاح اقتصادي لا رجعة فيه، ولا ترخص لنا بتأجيل حلوله سوى صعوباتنا الـمالية الراهنة. وأملي أن تستغل الـمؤسسات الـمحلية هذه الـمهلة الـمتاحة لتعزيز قدراتها ونجاعتها.
ومن جهتها، فإن الحكومة تؤكد لكم استعدادها لـمرافقة تطوير شراكة الشركات وكذا تطوير الشراكة العمومية والخاصة.
وبهذه الروح، سنعمل على تسهيل فتح رأسمال الـمؤسسات الصغيرة والـمتوسطة في إطار التشريع الـمعمول به.
كما ستقدم الحكومة دعمها لكل استثمار جديد يشرك الـمؤسسات العمومية مع مؤسسات خاصة أو مختلطة.
فضلا عن ذلك، ستستقبل الحكومة بعناية كل استعداد للمؤسسات المحلية للإلتزام في تمويل وإنجاز وتسيير الـمنشآت العمومية التي ستبادر الدولة بورشاتها.
وأخيرا، فإن الحكومة ستشجع كل مؤسسة اقتصادية قد تبدي اهتمامها لخدمات الـمرفق العام بالإمتياز على الـمستوى الـمحلي.
وفي كل هذا السياق، فإن الحكومة لا يسعها إلا أن تحيي الـمبادرة بميثاق شركة الشركات كما لا يسعها إلا أن تشجع الشراكة العمومية الخاصة.
وإذ أختم هذه الكلمة الوجيزة، فإنني أتمنى تجسيدا سريعا وفعليا لنص وروح الـميثاق الـمتعلق بشراكة الشركات، الذي ستوقعه الحكومة اليوم مع شركاء العقد الوطني الإقتصادي والاجتماعي للنمو.
أشكركم على كرم الإنتباه