الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي
بيــان إعــلامي
تذكير بإجراءات وقواعد ممارسة الحق النقابي وأدوات الوقاية من النزاعات العمالية
سجلت مصالح وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، خلال الفترة الأخيرة حدوث نزاعات جماعية للعمل أفضت إلى إضرابات مست قطاع الوظيفة العمومية والقطاع الاقتصادي، وأدت إلى الإخلال بالسير العادي للمصالح العمومية.
إن هذه الوضعية لا تخدم المساعي الرامية إلى توطيد وتعزيز الحفاظ على المناخ الاجتماعي الضروري والملائم الذي يمكّن كافة أطراف علاقة العمل من ممارسة واجباتهم وحقوقهم ضمن احترام الإجراءات التشريعية والتنظيمية التي تسيّـر هذه العلاقة وتنظمها.
في هذا الصدد، فإن وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي تحرص على تذكير كافة الأطراف في عالم الشغل بالأحكام القانونية والإجراءات التنظيمية التي تضبط العلاقات المهنية، لاسيما منها ممارسة الحق النقابي وحق الإضراب، حيث يمثل الإلمام بالمبادئ العامة أمرا ضروريا للغاية لفهم محتوى العمل النقابي ولترشيد الممارسة النقابية وأدبيات العمل النقابي.
يتوجب التذكير بداية أن الدستور والقوانين الجزائرية تكرّس حرية تأسيس الجمعيات والحق النقابي والحق في الإضراب والحق في المشاركة. وتم تأكيد هذا المبدأ الدستوري في أحكام المادتين70 و71 من القانون رقم 16-01 المؤرخ في 6 مارس 2016 المتضمن التعديل الدستوري.
كما أرسى القانون رقم 90-11، المؤرخ في 21 أبريل 1990، المتعلق بعلاقات العمل، المعدل والمتمم، فضاءات للتفاوض على مستوى المؤسسة وفرع النشاط.
من الأهمية الإشارة أيضا، إلى أن هذه القوانين استندت على أسس ومبادئ الاتفاقيات الدولية لمنظمة العمل الدولية. ذلك أن بلادنا بادرت منذ استعادة سيادتها إلى التصديق على 60 اتفاقية دولية للعمل، من بينها الاتفاقيات الثمانية (8) الرئيسية. و نذكر منهاالإتفاقية الدولية رقم 87 حول الحرية النقابية و حماية الحق النقابي،والإتفاقية رقم 98 حول حق التنظيم و التفاوض الجماعي.
في المشهد النقابي الوطني :
نود في هذا الإطار أن نذكّـر بأن المشهد النقابي الوطني عرف منذ سنة 1990 تطورا ملموسا في تسجيل المنظمات النقابية لاسيما العمالية منها. حيث وصل عدد المنظمات النقابية للعمال وأصحاب العمل إلى غاية شهر ديسمبر 2017 إلى 102 منظمة نقابية مسجلة.وتتوزع هذه المنظمات النقابية كما يلي:
– 36 منظمة نقابية للأصحاب العمل.
– 66 منظمة نقابية للعمال الأجراء،
وتجدر الإشارة إلى أنه من بين 66 منظمة نقابية للعمال الأجراء، 35 منظمة نقابية للعمال موزعة في قطاع الهيئات والإدارات العمومية (الوظيفة العمومية)، منها قطاعان يعرفان تواجد عدد هام من المنظمات النقابية للعمال التي تغطي العديد من الفئات المهنية .
يتعلق الأمر بقطاع التربية الوطنية، حيث تم تسجيل 13 منظمة نقابية، وبقطاع الصحة، حيثتم تسجيل 14 منظمة نقابية.
إن هذا العدد المعتبر من المنظمات النقابية المسجلة يعدّ دليلا واضحا على درجة الحرية النقابية التي يتمتع بها العمال في بلادنا.
في قواعد وشروط التمثيل :
وعليه، فمن واجب مصالح دائرتنا الوزارية التذكير بالقواعد القانونية التي تحدد وتضبط شروط وكيفيات ممارسة الحق النقابي ومنها حق اللجوء للإضراب.
فقد حدد القانون رقم 90-14، المؤرخ في 2 جوان 1990 المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي، المعدل والمتمم، شروط تأسيس المنظمات النقابية وكذا معايير تمثيليتها على مستوى الهيئات المستخدمة وعلى الصعيد الوطني، فضلا عن حماية المندوبين النقابيين وشروط وطرق حل المنظمات النقابية.
مع العلم أن للمنظمات النقابية التمثيلية داخل الهيئة المستخدمة الواحدة، صلاحية المشاركة في مفاوضات لإبرام الإتفاقياتوالإتفاقات الجماعية، والوقاية وتسوية نزاعات العمل الجماعية وممارسة حق الإضراب، و كذا جمع أعضاء المنظمة النقابية التمثيلية في مواقع العمل.
وفي هذا الصدد، فإن تسجيل المنظمات النقابية وحدها لا يمنح الصلاحيات المخولة لها قانونا ولا يمنحها آليا صفة التمثيل. حيث يتعين على المنظمات المؤسسة قانونا استيفاء المعايير التالية:
– أقدمية ستة (6) أشهر على الأقل من التأسيس القانوني،
– نسبة 20% من العدد الكلي للعمال الذين تغطيهم القوانين الأساسية للمنظمة النقابية.
ومن أجل التمتع بهذه الصلاحيات، يتعين على المنظمة النقابية أن تبلغ السلطة الإدارية المختصة المنصوص عليها في القانون، قبل حلول 31 مارس من كل سنة، بجميع العناصر التي تمكنها من تقدير تمثيليتها ضمن نفس الهيئة المستخدمة، لاسيما عدد منخرطيها واشتراكات أعضائها.
في اللجوء إلى الإضراب :
تدرس وضعية العلاقات الاجتماعية و المهنية وظروف العمل داخل الهيئة المستخدمة في إطار اجتماعات دورية بين المستخدم من جهة وبين المنظمة آو المنظمات النقابية التمثيلية للعمال الخاضعين لقانونها الأساسي من جهة أخرى . ويتم تدوين جميع النقاط في محاضر معدة لذلك.
في حالة ظهور خلافات بين الأطراف يتم اللجوء إلى الإجراءات المتفق عليها لتسوية هذه الخلافات بطرق ودية داخلية. وفي حالة فشل الإجراء يمكن لأحد الأطراف إما اللجوء إلى مفتشية العمل المختصة إقليميا لغرض عرض النزاع للمصالحة (في حالة نزاع على مستوى مؤسسة اقتصادية) أو اللجوء إلى السلطة الإدارية المختصة بالقطاع حسب الحالة لغرض إجراء المصالحة بحضور ممثلي الوظيفة العمومية ومفتشية العمل المختصة إقليميا (في حالة نزاع على مستوى الإدارة العمومية).
وتجدر الإشارة أن القانون ألزم أية منظمة نقابية وقبل اللجوء إلى ممارسة حق الإضراب على تطبيق الإجراءات الوقائية الواردة في الاتفاقيات الجماعية للعمل وتلك الواردة في القانون، منها إتباع الأساليب الداخلية لتسوية النزاعات والمصالحة.
يتم اللجوء إلى الإضراب عن طريق الاقتراع السري وتكون الموافقة بأغلبية العمال المجتمعين في جمعية عامة تضم على الأقل نصف عدد العمال المعنيين.
ويلزم ممثلو العمال بإيداع إشعار بالإضراب لدى المستخدم وإعلام مفتشية العمل المختصة إقليميا حسب الآجال المتفق عليها، على ألا تقل المدة عن 8 ثمانية أيام.
يتوجب التنويه إلى أن القانون يؤكد على ضرورة مواصلة الحوار والتفاوض، حتى أثناء فترة الإشعار بالإضراب وخلال مدة الإضراب.
ويلتزم الطرفان باتخاذ كافة التدابير الرامية لحماية المنشآتوالأملاك وكذا الحد الأدنى للخدمة في حالكانت طبيعة النشاط ذات أهمية حيوية بالنسبة للمواطن وللاقتصاد.
في هذا الإطار، يمكن لطرفي النزاع اللجوء إلى العدالة، التي تفصل في الأمر، بحيث يتعين على الجميع النزول عند أحكامها.
وفي هذا الصدد، فإن ممارسة الحق النقابي والحق في الإضراب مكفول بقوة القانون ما دام يخضع للإجراءات السالفة الذكر. أما إذا تم خارج الإجراءات والتدابير القانونية وإذا اعتبرته الجهة القضائية المختصة غير شرعي ومخالف للإجراءات القانونية، فإنه يقع حينذاك تحت طائلة القانون.
وعليه، فإن عدم احترام الاجراءات المنظمة لحق الاضراب والمشاركة في التوقف عن العمل بصفة مخالفة للإجراءات القانونية، يعتبر خطأ مهنيا جسيما يرتكبه العمال الذين شاركوا فيه ويتحمل المسؤولية الأشخاص الذين ساهموا بنشاطهم المباشر. وفي هذه الحالة يمكن للمستخدم اتخاذ تجاه العمال المعنيين الاجراءات التأديبية طبقا للنظام الداخلي ووفقا للنصوص القانونية والتنظيمية.
مع ذلك، يمكن للعمال أو الموظفين الذين اتخذت في حقهم إجراءات تأديبية بسبب مشاركتهم في التوقف عن العمل مخالفة للإجراءات القانونية المنظمة لحق ممارسة الاضراب، اللجوء إلى إيداع شكوى فردية لدى مفتشية العمل المختصة إقليميا بالنسبة للقطاعالاقتصادي. أو بإمكانهم إيداع طعن لدى السلطة السلمية أو لجنة الطعن المختصة قبل اللجوء إلى المحكمة الإدارية للجهة القضائية المختصة حين يتعلق الأمر بمستخدمي الإدارة العمومية.
في هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أنّ المعاينة التي تقوم بها مصالح مفتشية العمل ميدانيا تظهر أن جل التوقفات عن العمل لا تحترم الإجراءات القانونية المنظمة لحق الإضراب، وتؤدي إلى وقوع النقابيين والعمال المعنيين تحت طائلة القانون، ما يعرضهم إلى إجراءات تأديبية قد تصل حد التسريح.
وهكذا يتعرض عمال وموظفون لمتابعات قضائية من قبل المستخدم، بسبب جرهم إلى المشاركة في توقفات عن العمل غير مطابقة للقانون، حتى وإن كانوا في بعض الأحيان يعتقدون بعدالة مطالبهم وسلامة الإجراءات المتبعة في هذا الشأن.
آليات وأدوات الحوار الاجتماعي :
لكل هذه الأسباب تدعو وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي المنظمات النقابية إلى التحلي بالمسؤولية والنضج في ممارسة الحق النقابي والحق في الإضراب في إطار الامتثال للقانون، وللإجراءات والتدابير القانونية في المجال.
كما تجدد الوزارة حرصها على مرافقة الشركاء الإجتماعيين في جميع مراحل تنفيذ علاقات العمل لاسيما أثناء حدوث النزاع، من خلال مساهمةمصالح مفتشية العمل. وقد أثمرت هذه الجهود خلال السنة الماضية بإلغاء ما مجموعه 53 إشعارا بالإضراب مما جنب الهيئات والمؤسسات خسائر كبيرة وبالمقابل، تم حل هذه النزاعات بواسطة الحوار والتفاوض.
يندرج هذا المسعى أيضا في إطار توجيهات فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، التي أسداها للحكومة بخصوص ترسيخ وتكريس الحوار كأداة وخيار نوعي لمعالجة مختلف القضايا، لاسيما تلك المتعلقة بعالم الشغل.
ذلك أن التشريع الوطني يتضمن الأدوات والآليات التي تقوم عليها قواعد وأشكال الحوار الإجتماعي الذي لا يزال الوسيلة الحضارية والمفضلة لتجنب الوصول إلى وضعيات تضر بالاقتصاد الوطنيوبمصير أجيال لا يمكن استدراك نتائجه السلبية على المدى البعيد وكذا باستقرار وسير المؤسسات وبمصلحة العامل والموظف والمواطن بصفة عامة.